سر من اسرار السعاده

قلم - نوفا الغامدي 
السعادة طموح ورغبه لكل إنسان، ولم يعد النظر إليها من منظور رضا النفس والشهوات، بل ارتقينا جميعًا وايقنا أن السعادة هي سعادة الروح، وقد كان يقولها الإمام العلامة ابن باز رحمه الله : "يا بني إذا تلذّذت الروح لا يبالي الجسد بالتعب"، ولكن هناك امر أكاد أجزم أنه أقوى مصدر للسعادة، ألا وهو الرضا، ما أجمله، إنه مصدر قوي جدا لسعادة الإنسان،الرضا بما نمتلكه ومايتوفر لدينا.
إذا فالسعادة تتحقق عندما نستطيع تقدير وتثمين النعمه، فلنعلم عندما نحوز أوقاتًا جميله مثل تناول عشاء في مطعم أو حضور مهرجان أو إفتتاح معرض، وذلك بالمقارنة مع شراء أشياء عينية جميلة، كسيارة تلفت الأنظار، أو فيلا على شاطئ البحر، أو طقم ألماس نخزنه في مكان سري، أو مبلغ من المال في حسابك .!!
إن السعادة المطلوبه إذا، هي الرضا بالقليل والإستمتاع به والتكيف معه، هذه هي السعادة المرجوه، وهذا الشعور هو الذي يجعلك تشعر أنك أسعد مخلوق، تشعر بأنك حصلت على كل ماتريده بالرضا التام والقناعه. 
في هذه الأثناء حري بنا الإشارة إلى دراسة للدكتور رايان هاويل، الذي أوضح بأن الناس لا زالوا يعتقدون أن كثرة المال ستجعلهم سعداء بشكل أكبر، على الرغم من النتائج العلمية للدراسات النفسية، التي تم إجراؤها طوال 35 سنة مضت،التي تقول بعكس ذلك الاعتقاد، ولعل سبب استمرار وتماسك هذه القناعة بحسب هاويل، هو أن المال يجعل بعض الناس سعداء لبعض الوقت، وإنْ كان المال سيُعطي السعادة، فإن ذلك يكون عند إنفاقه للحصول على لحظات وخبرات حياتية تُعطي ذكريات واضحة.

ونحن، كبشر، لا نملّ من تكرار تذكُّر ما حصل لنا من الذكريات السعيدة، بعكس مَلَلِنا من تذكُّر الأشياء المادية العينية، التي حصلنا عليها.
وقال شيبان الراعي لسفيان الثوري : 
عُدّ منع الله لك عطاءً .. فإنه لم يمنعك بخلاً إنما منعك لطفاً 

 .هذاالإيمان .. وهذاالرضا ؟ 



ويقول الله عز وجل {يعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ".

إذا أحبتي الآية هُنا تخاطبنا، فنحن نتمتع بمظاهر الحياة، ونظن أن السعادة في مظاهر الحياة وهو على العكس تمامًا، فالسعادة, تكون بالتلذذ بنوع من أنواع العباده، وهي الرضا بالقدر والمكتوب، فما أروع أن نعيش لله ونفكر في كل شئ أن له حكمه، وما أجمل الرضا النابع من النفس الذي يصحبه إبتسامة من القلب ولسان يردد الحمدلله والشكر لله، ألم يقل الله {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (124) سورة طه. 

والله الذي لااله الا هو لن تجدوا السعادة الا بالرضا والحمد والشكر والذكر وبين صفحات كتاب الله، لماذا لا نعرف الله إلا في المصائب والشدائد؟ لماذا دائما معترضين ساخطين غاضبين على ماكتبه الله لنا؟، 

فليرحم الله ابن تيمية يوم قال: "أنا جنتي وبستاني في صدري أين اتجهت فهي معي لا تفارقني، أنا سجني خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة".

مثله رحمه الله من وجد السعادة الحقيقية فرحة بالطاعة، وتبصر بالنعم التي نملكها، واستثمار لها وحسن ظن بالله.